السبت، 30 يونيو 2018

مجلة سماء الأبداع للشعر والأدب الألكترونية كتبت الشاعرة والكاتبة ريهام أحمد قصة بعنوان رؤى خفية

قصة قصيرة.رؤي خفية.
خرجت تلك الفتاة من عملها لترتشف قوتها المميزة  وأنها اختارت ذاك المكان الذي اعتادت عليه ودلفت للداخل وهي تسير بخطي قوية متزنة وفي قمة أناقتها ترتدي سترتها الشتوية ولفافة حول جيدها لشدة برودة الطقس وحذائها المرتفع الذي يخترق بصوته مسامع الجميع دلفت للداخل اختارت نفس طاولتها فهي ترتبط بالاشياء كثيراً وضعت حقيبتها جانباً واخرجت هاتفها الذكي لتري ما يحدث في العالم من حولها جاءها رجل لم تكلف نفسها عناء النظر إليه وقالت:أريد قهوة وبجوارها قطع السكر.
ولكن هذا الرجل لم يكن النادل بهذا المكان وامسك بالمقعد وجذبه وجلس عليه وأنه رجل يبدو في عقده الخامس والنصف تظهر خطوط وامارات التقدم في السن عليه ولحيته سوداء يغزوها شيب فيعلن احتلالها وكذلك في شعر رأسه المتبقي فرفعت رأسها مستنكرة مما  فعله هذا الرجل واقتحامه خصوصيتها بهذه الصورة وأنها نظرت له بشئ من السخرية الممزوجة بتعجب مما فعل وقالت: إلا تري أنني اجلس هنا بامكانك الذهاب لطاولة أخري!
الرجل :لا داعي لكل ذلك فأنا احبكِ وانتِ أيضاً.
قالت:يبدو أنكَ رجلاً فقدت عقلكَ أو فقير تحتاج مساعدة.
همت علي حقيبتها أخرجت منها نقوداً له ووضعتها امامه علي الطاولة وأنه أردف يقول:لا لست كما ذهب عقلكِ يا جميلتي..
قالت:يبدو أنكَ اخطئت في الاختيار لست من النوع الذي يحب الاطراء والامتداح الكاذب فلن اكلف نفسي عناء ان اشرح لك.
نهضت الفتاة وأغلقت هاتفها وضعته بالحقيبة وما أن وقفت حتي وقف الرجل الذي فرض وجوده علي طاولتها وامتد ذراعه الأيمن إلي كتفها الأيسر  وهو كان يقف أمامه فاجلسها بقوة علي مقعدها شعرت بقوته ودفعه لها بشدة علي المقعد وهو يقول:الم اقل لكي لا داعي لذلك ياقطتي الجميلة.
قالت: كيف تفرض وجودكَ بهذا الشكل وبهذه الطريقة اتظن أنني ضعيفة إلي هذا الحد  لا بل عليكٕ  الانصراف وآلان من أمامي.
قال:أنا لن اذهب.
قالت: مادامت لن تذهب ساذهب أنا .
قال:ولا أنتِ كلانا سيكمل قهوته التي لم نطلبها بعد.
قالت:من انتَ ؟
قال:أنا ذاك الرجل الذي يبحث عنكِ منذ خمسة عشر عام وآلان قاده القدر إليكِ ولن ادع هذه الفرصة تمضي دون حديث كامل وانهاء كل هذا الشوق.
قالت:ومن اخبركَ أنني أريد الحديث في شئ معكَ .
قال:بل أنتِ كنت تبحثين عني منذ خمسة عشر عاماً وحين تحين الفرصة تتركينها تمضي بهذه السهولة يبدو انكِ لستي مترجمة ماهرة.
قالت:وتعلم أيضاً عن عملي !
قال:اعلم كل شئ اعلم اسمكِ كاملاً، تاريخ ميلادك ، اطعمتك المفضلة ، قهوتكِ وعن زوجكِ وابنتكِ نور .
قالت:يبدو أنكَ تبحث بدقة عالية ولكن مارايكَ إلا نتحدث هكذا فقد نجحت حقاً في اجتذابي فأنا أعشق المغامرة ولكن ما رايك أن تعرفت عليكَ وهزمتكَ في ميدانكَ إلا اري وجهكَ مرة أخري وحينها ثاثبت لك انني لست مترجمة ألفاظ فقد بل مترجمة وقارئة ماهرة للبشر.
قال:أحب شئ لي فيكِ هو تلك الروح التي ورثتينها عني .
قالت :ولكني اعدكَ بأنكَ لن تبرح هذا المقعد إلا وانتَ كارهاً تلك الروح التي تحبها اقسم لك بذلك.
قال: الحديث شئ والواقع شئ آخر.
قالت: أنا أعلم من انتَ جيداً ايها الجد .
قال: حسناً فقد ادخرتِ قسطاً وافراً من الحديث علي.
قالت :اليوم يوم الحديث لي وانتَ هنا مستمع لا أكثر لكل ما سأقوله لك وسوف تفعله دون مجادلة أوسمة اعتراض.
قال: إلا تريدين أن تعلمين لماذا عدت ؟
قالت:لا أريد منكَ وعنكَ أي شئ.
قال:ولكني أريد الحديث الآن.
قالت:وانا لا اجيد آداب الاستماع لا اعرف ما هو ذاك اللغز الخفي في طبائع البشر في رغبتهم الجامحة في إظهار أسوأ ما في الآخرين عليهم ربما يشعرون بالراحة والهدوء حين يسبهم الآخرون.
قال:أنا عدت لاجلكَ.
قالت: وأنا لا اريدكَ لا اطيق أن ابصركَ امامي اتعلم إلي أي مرحلة من الكراهية دفعتني إليها.
قال: كنت حينها مراهق ساذج ولا اعلم شئ .
قالت:ها قد شرعت في اكاذيبكَ الساذجة.
قال:عليكَ أن تقدير الفارق العمري بيننا وانني والدكَ.
قالت:أن أقدر الفارق العمري ولكن لما لم تقدره انتَ منذ خمسة عشر عاماً وانتَ تلهث خلف امرأة أخري وتتركنا اقدرت حينها ذلك انتَ؟
قال:لا لم اقدر لكني ها قد عدت .
قالت: عدت متاخراً جداً .
جاء النادل حينها طلبت منه قهوة لشخصين وتريد كثيراً من مكعبات السكر بجوارها فانصرف وفي غضون لحظات احضر القهوة وقطع السكر التي طلبتها معها وانصرف .
فاكملت حديثها وهي تقول:أما عن كونكَ والدي فأنا أجبرت عليكَ ولكنني لا اندم علي ذلك الإجبار لانني لم اختاره ولكنك تعلم اشياء كثيرة خطاء عن هذه الكلمة سوف اسمعكَ إياها.
اخذت تحرك القهوة بما في يدها من معلقة وهو أيضاً وانه قال:يكفي ما مضي من وقت علي ماحدث.
قالت :لا لن يكفي فجراحنا منكَ جراح غائرة تعاني من نزيف داخلي تبدو أنها شفيت ولكن في باطنها التهاب دامي.
قال:انكَ قاسية القلب.
ابتسمت وهي تقول :مثلكَ خمسة عشر عام والان تتذكر انكَ والدي.
قال:ولما كل هذه القطع من السكر.
قالت :كي تذيبها في قهوتكَ ربما يغير في فمكَ مذاق حديثِ.
قال: اذن وبعد كل ما مضي لن تغفري ما حدث .
قالت :لا لن اسامحكَ مهما حدث وعودة لمهام الآباء فالاباء ليسوا من ينجبون الأبناء ثم يتزوجون باخري ويتركونهم بل هم من يصطحبونهم للمدرسه ، يلعبون معهم ، يذاكرون لهم ، يشعرونهم بوجودهم معهم ولكن انتَ ماذا فعلت من كل ذلك.
قال: حقاً لم افعل شئ من كل هذا ولكني لم انساكِ يوماً .
قالت:وماذا يفيدني وجودي في ذاكرتكَ هل أحيا بداخلك معالم الأبوة المسروقة وبفرض أنني لن احاسبكَ علي شئ خاص بي  كيف اترك حق أمي هباء هكذا وأن كان منكَ انتَ.
قال: اصابها الزهايمر ولا تتذكر شئ.
قالت:ولكني لم انسي لكَ اي شئ كل تلك الاوجاع التي رأيتها فيها منكَ سادعكَ تغترف منها وحينها ستعلم لماذا لم اسامحكَ ولا أريد رؤيتكَ في مكان آخر .
ارتشفت قهوتها المميزة وامسكت بنظارتها السوداء وضعتها علي وجهها لتكبح جماح دمعهتا قبل أن يراها ذاك الرجل الذي أضاع عليها مذاق قهوتها المميزة وتحركت بخطي سريعة للخارج وتركته لم يكن هذا حقيقي بل هو خيال منها عما سوف تفعله حين يعود الغائب.
                                                                                                         ريهام أحمد محمد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلة سماء الإبداع للشعر والأدب الإلكترونية كتب الشاعر سليمان احمد العوجي قصيدة بعنوان على خط الزوال

على خطِ الزوال ---------------------------------- خائبون كجندٍ تحاصرهم خيانة كصبرٍ يحفرُ أنفاقَ الفرجِ بإبرةِ الوهم. منكوبون كمدنٍ سب...